الى كل فتاة تعاني من التحرش … لست وحدك

Marwa Harb بقلم: مروة حرب |

 إلى كل فتاة تعاني من قسوة المجتمع بحجة الشرف، إلى كل فتاة  تعاني من مديرها في العمل أو زميلها في الجامعة والمدرسة، إلى كل فتاة تعاني من أحد من أقاربها أو عائلتها، إلى كل فتاة تعاني من جملة “خليكي ساكتة … عيب شو بقولوا عنك العالم … عيب مشان شرفك وشرف العيلة “، إلى كل فتاة … أنت لست لوحدك.

ماذا يعني التحرش؟

من منا لم تعاني من التحرش، تواجه العديد من النساء حالات من التحرش اللفظي، إن من جهة لباسها، شعرها، كلامها أو حتى حجابها. نعم! حتى الفتاة أيضا الفتاة المحجبة تعاني من التحرش، لذلك لم تعد حجة “لبسك كان قصير” مجدية، لأن السبب الاساسي ليس لباس الانثى أو الوقت الذي تخرج فيه. إنما ظهرت العلّة في الطرف الأخر الذي  يعاني على الاقل مشاكل نفسية أو حتى كبت جنسي.

التحرش اللفظي هو مشابه للتحرش الجسدي، لكن يعبر عنه بالكلام، ويترك اثارا سلبية على الفتاة. فهي معاكسة لفظية معظمها ايحاءات جنسية، ويمكن أن نذكر منها: “ٌقديش كيلو الكنافة” التي تقال للفتاة الممتلئة، وهناك “من وين باكلك يا بطة”، “شو هل جسد يا اسد” … هذه بعض “التلطيشات” التي تعتمد على جسد المرأة كأساس لها، يعتبرها البعض طبيعية، ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، وخصوصا عندما ترافقها نظرات الشب “الجغّيل” الذي يعتبر الملك في تصرفه.

أما التحرش الجسدي، فهو فعل جنسي غير مرحب به، يصدر عامةً عن الرجال في الأماكن العامة والخاصة، ويكون موّجهاً ضد النساء، ينتهك جسد وخصوصية المرأة ويجعلها تشعر بالانزعاج، التهديد أو عدم الامان.

صورة لتظاهرة نسائية لحمايتهم من العنف الاسري والتحرش

صورة من Hibr

مشروع مخيبر واوغسبيان:

بمناسبة يوم المرأة العالمي في عام 2017 اقرّ مجلس الوزراء اللبناني مشروع  تقدمت فيه وزارة الدولة لشؤون المرأة برئاسة وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان انذاك، الذي يرمي الى معاقبة المتحرّش، اعتبر هذا المشروع هدية لها في عيدها ولكن في الوقت عينه تم سحب اقتراح القانون المعجل المكرر الى تجريم التحرش الجنسي والإساءة العنصرية، المقدم من النائب غسان مخيبر بتاريخ 14/5/2014.

فلنلقي النظرعن كثب لكل اقتراح مخيبر واوغسبيان، فمشروع مخيبريعرض بدقّة أكثر تعريفه للتحرّش. وهو ينطلق في هذا المجال من موقع حماية الضحية،فالتحرش في مشروع مخيبر هو الإقدام “بشكل صادم أو ملح أو متكرر على فرض أقوال أو أفعال أو إيحاءات ذات طابع جنسي أو ذات طابع عنصري، على شخص دون رضاه أو من دون إيحاء بالترحيب، فأدى ذلك الى الإعتداء على كرامته إما بسبب طبيعتها أو ظروفها المهينة أو الضاغطة أو المحرجة”.

قد تضمن الإقتراح أيضاً بعض الأحكام لإلزام صاحب العمل على حماية موظفيه، محدداً آلية لهذه الغاية، ومنعه من التمييز ضد ضحية التحرش في العمل.

اما مشروع اوغسبيان عرّف التحرش الأول في الفقرة الخاصة بتعديل قانون العمل، حيث يحظر اللجوء إلى التحرش “سواء عبر الكلام المثبت أو الكتابة، وبأي وسيلة من وسائل الإتصال، أو ممارسة الضغوط أو التهويل أو إصدار الأوامر بهدف الإستحصال على خدمات ذات طبيعة جنسية”. اما التعريف الثاني للتحرش فيظهر في الفقرة الخاصة بتعديل قانون العقوبات من مشروع أوغاسابيان عبر إستحداث للمادة 535 من قانون العقوبات الواردة تحت الفصل الخاص بالجرائم المتعلقة على الحض على الفجور والتعرض للأخلاق والآداب العامة. كما عرض مشروع أوغاسابيان آلية لحماية ضحية التحرش من التمييز داخل مكان العمل بسبب إستقرار العمل أو الأجر أو الترقية.

اقتراح مقدم الى المجلس النيابي لتجريم التحرش الجنسي

اقتراح مقدم الى المجلس النيابي لتجريم التحرش الجنسي

 

قانون يحمي ويعاقب:

عقدت اللجنة الفرعية المنبثقة من لجنة الادارة والعدل  والمكلفة منذ ايام قليلة، درس القانون الرامي الى معاقبة جريمة التحرش الجنسي، لا سيما في اماكن العمل. فاستمعت بداية الى رأي وزارة العمل حول المواد المتعلقة بحقوق ضحايا التحرش، وإعادة تأهيلهم/ن. ومن ثم استمعت الى رأي الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، التي اقترحت أن يتولى الصندوق الخاص بجرائم العنف الاسري، إعادة تأهيل ضحايا التحرش.

وكما جرت العادة، وبعد التداول، قررت اللجنة رفع تقريرها الى لجنة الادارة والعدل من اجل متابعة درسه بعدما انهت اللجنة الفرعية العمل بهفالى متى ستبقى القوانين والمشاريع التي تحمة المرأة من التحرش في جوارير مكاتب الدولة،بحجة انه تحت الدراسة؟

 

وفيما يتعلق بالمواد المندرجة بقانون العقويات، فالمادة 507 تشير الى معاقبة كل من اعتدى على الضحية بالعنف والتهديد، بالأشغال الشاقة والحبس لمدة 4 سنوات، واذا كان المعتدى عليه ما دون الـ 15 سنة، فيتم حبس المتحرش ست سنوات على الاقل.

أما الاغتصاب غير الزوجي، فتنص المادة 503 من قانون العقوبات اللبناني، على معاقبة مرتكبه بالاشغال الشاقة خمس سنوات على الاقل، ومن الممكن ان تصل الى سبع سنوات واكثر، اذا كان المعتدى عليه ما دون الـ 15 سنة.

 

اللافت والمزعج في الوقت عينه، هي المادة 522 من القانون، التي توقف الملاحقة القانونية بحق من يرتكب جرم الاغتصاب او الخطف، بعد عقد زواج بين مرتكب الجرائم والضحية، بالتالي تتيح للمعتدي الإفلات من عواقب فعلته، وبهذه الطريقة يصبح القيام بهذا النوع من الجرائم مشروعاً تحت غطاء الزواج.

مع العلم ان الزواج ليس حلا، فهو بحسب البيئة “ستر لشرف البنت”. الفتاة التي أُرغمت على فعل لا تريده، وهي فقط من تدفع ثمنه. فهل يعتبر زواج المغتصب حلا؟! وأين القوانين التي تكرّس حقوق المرأة وكرامتها؟

وفي هذا الإطار، يؤكد الدليل عن العنف الجسدي التي نشرته جمعية كفى، أنه لغاية اليوم، يبقى التحرش الجنسي غير مجرّم في القانوني اللبناني ، فالمادة 520 تعاقب من يتحرش جنسيا بقاصر، في حين أن هناك أفعال تدخل ضمن التحرش الجنسي، يمكن التبليغ عنها لأنه معاقب عليها في قانون العقوبات اللبناني، مذكورة في المواد 209 – 385 (القدح والذم)، مثل الكتابة والرسوم، الأفلام، والشارات اذا عُرضت في مكان عام أو مكان مباح للجمهور، كذلك الأعمال والحركات إذا حصلت في مكان عام أو مكان مباح للجمهور أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.

صورة تعبر عن قانون 522 الذي لا يحمي المغتصب

صورة من موقع خبرني

 

كيف يتصرف المعتدى عليه في حالة الاعتداء

ان لم يمّر على الإعتداء 24 ساعة، يمكن للمُعتدى عليها التقدم بشكوى فورية لدى اقرب مخفر لقوى الأمن، وتُسمّى هذه الشكوى جرماً مشهوداً.

أما إذا مرّ على الإعتداء 24 ساعة، فعلى المُعتدى عليها التقدم بشكوى مكتوبة الى النيابة العامة المخصصة للمنطقة التي تقطن فيها، وتحول النيابة العامة الشكوى عندها الى مخفر قوى الأمن الأقرب جغرافياً الى المكان الي وقعت فيه الحادثة.

الشكوى المكتوبة التي ستقدمها الضحية للنيابة العامة ستحدد ستحدد فيها هوية المُتحرش ان كانت تعرفه. وإن كانت لا تعرفه، علها أن تحدد في شكواهاِ كل مواصفاته من ثيابه وطول شعره وتفاصيل وجهه وكل ما تتذكره.

ان كان الجرم إغتصاباً وآثاره ما زالت موجودة في جسد الضحية، يمكن تعقّب الإثبات وذلك عبر اللجوء الى طبيب شرعي يوثق حالتها بتقرير، يمكنها على أساسه التقدّم بشكوى. ولكن ذلك لا يعد كافياً لإدانة المُغتَصب، لان الإثبات الوحيد القاطع في حالات الإغتصاب هو فحص الحمض النووي للمُتهم.

 

صورة تعبر عن نفسية المعتدى عليه

صورة من الكونسولتو

شخصية المتحرش:

نحن في مجتمع يدافع عن المغتصب ويلقي اللوم على  الضحية، ومعظم الاوقات يكون لباس الفتاة أو موعد خوجها وولوجها إلى المنزل وغيرها من التفاهات هو الحجة. ولكن هل فكرنا يوماً لماذا يقوم المغتصب بفعل كهذا؟

اعتبرت منظمة الصحة العالمية منذ العام 1992، أن الاغتصاب هو اضطراب سلوكي وليس مرضا نفسيا. في وقت يتصف المغتصب بالإجرام واللامبالاة، شخص ذو ميول إجرامية ومضطرب جنسيا.

وفق الأطباء النفسيين، يجب علينا التمييز بين الشخص المريض نفسياً والشخص غير السوي نفسيا. وللتحديد، يجب أن يرافق المرض النفسي العديد من الخصائص لفترة زمنية معينة . أما الشخص الذي لديه اضراب في السلوك او في الشخصية، فهذا لا يصنّف كمريض نفسي بل شخص ذو سلوك سيء.

الجدير بالذكر أن المريض النفسي يبقى تحت السلطة القانونية، الا في حالات نادرة عندما يكون المتحرش في غير وعيه.

الأهم في هذه القضية، هو دعم المعتدى عليه، وبالأخص قانونيا، عبر معاقبة المتحرش، كذلك من الناحية الاجتماعية، من خلال تأمين الدعم اللازم من قبل العائلة والاصدقاء، وعدم لومها او إشعارها بالذنب.

بالإضافة إلى ذلك، يجب الاهتمام بها نفسيا، واعطائها جلسات علاج نفسي مكثفة، لان ضحايا التحرش يعانون اضرابات عديدة منها قلة النوم، الصدمة، التوتر، مشاكل الثقة بالنفس وغيرها الكثير.

لا للتحرش الجسدي واللفظي

صورة من موقع youm7

نحن صوتك:

النقطة المهمة هي اثبات حقك، وعدم السكوت عنه بحجة الخوف، والاهم عدم أخذ كلام من يقول لك أن الشكوى  “رح تشمسك” او تجعلك فتاة سوء بالإعتبار، فأنت تفعلين الصواب.

يجب على كل فتاة الإدلاء بشكوى بعد التعرض للإعتداء، وفضح المتحرش وكسر حاجز الخوف الذي يزرعه المجتمع فينا منذ الصغر، وخصوصا في ظل وجود هذا الكم من الجمعيات النسوية كجمعية “كفى” و”أبعاد” مثلاً، هذه الجمعيات التي تعمل على حماية الفتاة وتحرص علي تحصيل حقها.

هناك كذلك العديد من الصحافيين/ات والمواقع الصحفية الموثوقة التي يمكن ان تساعد على نشر التوعية ورفع الصوت، مع التمسك بحقوقك التي تعطيك الحرية الكاملة بعدم إظهارك للعلن، أو مخاطبتك باسم مغاير لاسمك الحقيقي لحمايتك.