النزوح إلى الجحيم( 1)

كنا نرى الموت في الليل و النهار بسبب تراشق القذائف والطلقات النارية بين أطراف الصراع فمنزلنا يتوسط خط التماس الفاصل بين الأطراف المتنازعة ، انقطع عنا الماء و الغذاء و الدواء و والدتي تعاني من أمراض مزمنة.
عائلة أم عبد الرزاق احدى الأسر اليمنية التي أجبرتها الحرب الدائرة في محافظة تعز إلى النزوح من منازلهم إلى مناطق لا تشتعل فيها المعارك بكثرة .. تحكي لنا فصول الويلات التي عاشتها قبل النزوح وبعده وهي واحدة من بين مئات النازحين داخلياً في اليمن وربما تعد محظوظة إذ استطاعت الحصول ولو على الحد الأدنى من الاحتياجات بالمقارنة مع من يمر بتلك الظروف ، فهناك الكثير منهم يسكنون في مخيمات تنعدم فيها أبسط الخدمات الأساسية.

كل شيئ مفقود
تقول العائلة : في منطقتنا فقدت الكثير من الأسر ابنائها ، لم يكن بأيدينا خيارًا آخر غير النزوح ، استغلينا فترة الهدنة المعلنة و تركنا منزلنا بكل محتوياته لم نكن نفكر بشيء سوى أن نخرج من هذا المكان بأسرع وقت، انتقلنا بعد مشقة إلى العاصمة صنعاء و واجهتنا الكثير من المصاعب فقد كانت الوظائف شبه معدومة و أسعار الإيجارات مرتفعة جدًا. كانت مساعدات فاعلي الخير هي العون لنا رغم أنها ليست دائمة ومن حين إلى آخر تًقدم لنا بعض المواد الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة بشكل خجول رغم الأرقام التي نسمع عنها في وسائل الإعلام و التي تعادل مئات الملايين من الدولارات لكن لو وزعت بشكل عادل فلن يبقى في ارض اليمن جائع و نحن لا نعلم إلى أين تذهب كل تلك المبالغ ، الوضع صعب و لكن نتأقلم مع ذلك بمرارة .
استمرار الحرب والفساد السياسي ساهم بشكل اساسي بكوارث اقتصادية متتابعة ووصل متوسط دخل الفرد أقل من 2 دولار , ومعظم الايادي العاملة عاطلة عن العمل كل ذلك ساهم في ارتفاع نسبة الفقر بين السكان لتصل إلى ما يقارب 80% و النازحيين يتحملون و يواجهوا كل تلك الأعباء بشكل يومي.
مأساة مستمرة
بحسب احصائية الأمم المتحدة بلغ عدد النازحين في اليمن ما يقارب أربعه ملايين شخص اي ما يعادل 6% من اجمالي عدد النازحين و اللاجئين حول العالم . هذه النسبة المخيفة دقت ناقوس الخطر و لفتت انظار العالم حول المأساة التي يتعرض لها النازحيين في اليمن .
فوجهت الأمم المتحدة نداء عاجل للمنظمات الإنسانية و الصحية بالتدخل السريع لإنقاذ ما يمكن انقاذه و المساهمة في تحسين سبل العيش و العمل على تخفيف المعاناة التي يعيشها سكان اليمن و على وجه الخصوص النازحين منهم و لكن هنالك الكثير من النداءات و الاصوات التي تتعالى للأمم المتحدة بعدم تلقي النازحين اي شيئ مما يعلن عنه و أن المأساة مستمرة ولا يوجد تحسن ولو بشكل بسيط .
يفتقد النازح لأبسط المقومات الأساسية او بحدها الأدنى ليستمر في مواجهة صراعه اليومي . فلا غذاء يكفي ولا خدمات صحية وسط انتشار الأمراض و الأوبئة مثل الكوليرا , الحميات و مؤخرًا فيروس كورونا فاغلب مخيمات النازحين لا تتوفر بها جهة توفر لهم الرعاية الكافية او حتى عيادة إسعافية على أقل تقدير.