كورونا يجعل نساء اليمن عرضة للسخرية من جديد

النساء في الثورتين اليمنية واللبنانية
إن الكبت والقهر أبرز الأسباب التي تدفع الشعوب لكثرة السخرية وانشاء النكات بمختلف أنواعها كتعبير عن سخطهم ورفضهم للواقع. وغالباً -بغض النظر عن القضية المثارة- تكون المرأة هي المحور الرئيسي الذي يدور حوله كل هذا الاستهزاء . أستطيع أن أتفهم أن ذلك قد يكون بسبب استضعافهن في العالم العربي.
واستطيع تفهم أيضًا انه رغم الوضع الذي يشترك فيه الجميع الآن وأن صالونات الحلاقة والتجميل أصبحت مقطوعة على حد سواء لكلا الجنسين بسبب الحجر المنزلي الذي تسبب به فيروس كورونا لكن سيكلوجية الرجل العربي وتكوينه الاجتماعي تجعلانه يغض الطرف عن كل ما يمر به ويركز على حاجبي النساء غير المرتبة أو شعرهن غير المسرح .
وأن بعض النساء أعتدن على تلقي الاستهزاء والتجريح بمناسبة وبدون مناسبة .. أتفهم كل هذه التفاصيل وأستطيع أن أضعها في سياقها المنطقي والنفسي والاجتماعي كي تكون مفسرة وواضحة بالنسبة لي لكن مالا أستطيع فهمه هو لماذا تشارك النساء في تداول هذه النكات التي لا تدعو إلى الضحك إنما تدعو إلى الأسى وتعبر عن مدى إنسحاق النساء وعدم ملاحظتهن لذلك .. وأكثر ما يشعرني بدوار هو عندما تكون بعض هؤلاء النسوة مثقفات ومن نخبة المجتمع بل ونسويات .. فكيف يقبلن ويمررن هذا الانتهاك الذي يجرح كرامة المرأة وكبريائها ويضحكهن الأمر ويسليهن.
مذ عرفت نفسي وانا أسمع وأرى التنمر الذي تتلقاه المرأة اليمنية بمختلف المناسبات فلا كلامها يعجبهم -وأقصد هنا رجال اليمن- ولا لبسها يروقهم وأما ماكياجها فهو سيرك يدعوهم إلى الضحك دون توقف مهما كانت تتقن فن المكياج . فكرة كسر ثقة المراة بنفسها تبدو هي الأساس الذي أنطلقت منه هذه التصرفات الصبيانية التي يفعلها البعض وأقول البعض هنا كي أكون منصفه دون تعميم رغم أنهم يضيعون في غلبة أولئك المتعصبون لجنسهم .ويبدو لي أن هذه الفكرة تنعكس على شعورهم بالنقص الداخلي فيقومون بتحقير كل من حولهم خاصة النساء كونهن الأضعف واللاتي لن يكن في مقدورهن الرد أو إيقاف هذا التنمر “كما أراد لهن المجتمع أن يكن”.
أتت الثورات الأخيرة في العراق ولبنان بتأثير عكسي وتفاعل الشباب اليمني من أعماقه لكن ليس إحتفاءاً بالحرية لأنه لو كان كذلك لما أستمروا في خنوع ظالم يسرق منهم حياتهم دون أن يحركوا ساكناَ منذ أكثر من 5 سنوات .. بل إحتفاءَا بالجميلات الثائرات في البلدين .. وياللمفارقة العجيبة حيث أنهم إذا ما رأوا يمنية لا ترتدي الحجاب وتظهر على وسائل التواصل الإجتماعي بحلة يستنكرها الشعب اليمني المؤدلج وفق إسلام سياسي هجم فجأة وغير ثقافتهم بل ومحاها تماما كغسيل الدماغ , فإن الاتهامات بالفجور والكفر والعمالة الغربية والانبهار بالأجانب ينهال عليها .. إذن لماذا يضعون معاييرا لجمال النساء ثم لا يتقبلون أنخراط نساؤهم فيه ليبدين كما اللبنانيات والعراقيات بكامل زينتهن وأناقتهن .. سيقول الآن بعض المتشددين في أفكارهم أن النساء فتنة وهذا بدوره سيأخذنا إلى علامة إستفهام كبيرة جدَا جدَا .. لماذا تظل المرأة دائما هي حاملة الرذيلة والخطيئة .. لماذا تتمحور حياة هؤلاء الرجال في حياة النساء وهم الأقوى والأذكى فحريا بهم أن لا يقعون ضحايا لهؤلاء النسوة أو ينقادون وراء فتنهن ..
للمسألة أبعاد كثيرة وكبيرة فالمجتمع اليمني يعاني أنفصام كبير ظهر بفعل الوصاية الأبوية وتكريسها في قمع النساء ومصادرة شرعية مطالبتهن بحقوقهن التي سُلبت لأسباب إقتصادية ثم بُلورت القصة لتظهر بجلباب ديني ثقيل وزره .