صحّة الأولاد النفسيّة في زمن الكورونا
يعيش الأولاد مرحلة صعبة بعد اقتحام فيروس كورونا حياتهم، الّذي فرض تغيير جذري على نمط حياتهم اليوميّ، مما شكّل لهم ضغط نفسي، وتوتر، وخوف من المجهول. في المقابل، يلعب الأهل خلال هذه المرحلة الإستثنائيّة دور كبير في مساعدة أولادهم على تحدي مخاوفهم وتخطي أو تخفيف القلق خلال هذه المرحلة المجهولة الأمد. وبما أنّ صحّة الأولاد النفسيّة أمر لا يستهان به، قمنا بلقاء الخبيرة بعلم نفس الأطفال أنجيلا برهوش.
خلال اللقاء وعند سؤالنا عن الحالات الحساسة كالحالات التي لديها رهاب اجتماعي، قالت برهوش أنّه لا يوجد دراسات تؤكد أنّ الرهاب قد يزيد بسبب الحجر المنزلي. وأكدت أنّه في حال استمر هذا الحجر لمدّة تتجاوز سنة أو أكثر، يمكن أن تواجه هذه الحالة صعوبة بالتكيف مع الحياة اليوميّة، والمحيط الاجتماعي بعد انتهاء الحجر الصحيّ. لذا دور الأهل مهم جدًا للانتباه إلى العوارض الجسديّة التي تظهر على الطفل واللجوء لمعالج نفسي يساعدهم في حلّ هذه المشكلة.
أمّا في حالات اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، فقد أكدت برهوش أن التعليم الرّقميّ المتبع خلال هذه المرحلة قد يساعد هذه الحالات إذ أن التلميذ يمكنه التوقف عن الدراسة متى أراد، وإعادة سماع التسجيل الصوتي من الأستاذ عدّة مرات. وأشارت إلى أن صعوبة استخدام وسائل التعليم التقنية قد تؤثر على فهم التلميذ للمواد، ومن الممكن تعزيز فكرة الاستسلام لديه، كما تؤثر على تراجع تحفيزه الذاتي.
وبالنسبة للتلميذ الّذي يعاني من القلق والتوتر داخل المدرسة بسبب الدّروس اليوميّة، وكثرة المهام التعلميّة والفروض، بالإضافة إلى أجواء الإمتحانات الخطيّة، قالت أنجيلا أنّ التعلّم عن بُعد سيريح التلميذ من هذه الأجواء لأنّ البيت يعتبر البيئة الحاضنة المصممة لاحتياجاته الخاصّة. إلّا أنّ برهوش أكدت أن التعليم في المنزل إذ لم يخضع لشروط وقواعد قد يخلق حالة اتكال على الأهل.
وفي ختام اللّقاء، شددت برهوش على أهميّة تنظيم وقت الأولاد ووضع جدول لتنظيم نهارهم يتضمن مواعيد الأكل، والنوم، وأكدت أنّ هذه العمليّة أساسيّة ليصبح الطفل صحيّ وسعيد خلال الحجر المنزلي. ومن المهم أيضًا محاولة تسلية الأولاد من خلال ممارسة بعض الأنشطة الجسديّة والأنشطة الفكريّة مثل ألعاب التركيز.
صحّة الأولاد النفسيّة ليست رفهيّة في هذه المرحلة الإستثنائيّة، ومن المهم مساعدة الأولاد على تخطي آثار هذه الأزمة على صحتهم النفسيّة. لذا من الضروري إبقاء الأولاد على تواصل مستمر مع أصدقائهم أو مع الأقارب بواسطة مواقع التواصل الإجتماعي للحفاظ على الروابط الاجتماعيّة خلال الحجر المنزلي. لأنّ الوضع الحالي يجلب معه شعور عدم اليقين، بما أنّ لا أحد يعرف متى ستنتهي هذه الأزمة وما سيحصل بعد انتهائها.