المدارس “الخاصة المجانية” في لبنان: هدر وفساد
ليس كل ما يعانيه المواطن اللبناني انقطاع الكهرباء وانتشار النفايات في شوارعه وما نتج عنها من أمراض صحية، بل وأيضاً، يترتب على المواطن اللبناني أعباء مالية “بتجيب الجلط”.
وفي حديث مع المواطن اللبناني أ.أ، قال إنه بعد توجهه لتسجيل ولده في مدرسة “خاصة مجانية” في بيروت ضمن المرحلة الابتدائية من التعليم، وبعد أن تحضّر لدفع نصف المستحقات التي تترتب عليه من القسط الكامل للمدرسة، وجد أنه يترتب عليه دفع المبلغ الكامل للقسط، علماً أنه في المدارس “الخاصة المجانية” يترتب على الأهل دفع جزء معين من القسط المتوخى، والجزء الثاني يقع على عاتق الدولة.
تحديداً، وبموجب المرسوم رقم 4145 الصادر عن مجلس الوزراء اللبناني في تاريخ 18 تشرين أول/ أوكتوبر عام 2000، تساهم الدولة اللبنانية عن كل تلميذ في المدراس الخاصة المجانية بمقدار 135% من قيمة الحد الأدنى من الأجور في القطاع العام.
بالإضافة إلى ذلك، حدد هذا المرسوم نسبة مساهمة الأهل عن كل طالب بنسبة 150% من من قيمة الحد الأدنى من الأجور.
وفق، دراسة أجراها مركز “الدولية للمعلومات” للإحصاء في العام الماضي، حول المدارس “الخاصة المجانية” في لبنان، تبين أن عدد هذه المدارس يبلغ 371 مدرسة موزعة على مناطق مختلفة.
وتبلغ قيمة الدعم 115 مليار ليرة سنوياً (نحو 77 مليون دولار) أي أن كلفة الطالب الواحد هي 810,000 ليرة (540 دولار) سنوياً مع التشكيك بأن عدد الطلاب المصرَّح عنه في وزارة التربية هو أعلى من العدد الحقيقي الموجود في هذه المدارس. وهذا الأمر يتم في ظل انعدام الرقابة والغطاء السياسي والطائفي الذي تتمتع به هذه المدارس.
المركز قال إن هدف إنشاء هذه المدارس في الأساس، كان توزعها على الأرياف حيث لم يكن هناك وجود للمدارس الرسمية، بينما تكشف الدراسة نفسها أن أكثريتها تتوزع بالقرب من المدارس الرسمية ما يعني أن الحكومة تدفع لدعم التعليم مرتين: مرة للمدرسة الرسمية ومرة أخرى للمدرسة الخاصة المجانية.
غير أن هذه المدارس لا تلتزم بالمرسوم المخصص لها وفق ما تبين من خلال قصة المواطن أ.أ المذكورة أعلاه.
كما كشف “الدولية للمعلومات” في دراسته المستندة إلى تقارير التفتيش التربوي المركزي، يتبين أن عدداً كبيراً من هذه المدارس تضيف الى لوائحها أسماء لطلاب وهميين كي لا تخفص حصتها المالية من الدعم الرسمي.
وفق ما تقدم، نجد أننا أمام فساد ذات بابين، أولهم إهدار مالي من قبل الحكومة اللبنانية، حيث أنها تصرف أموالاً طائلة على أسماء طلاب وهميين، ولو أن لجّانها المخصصة للتفتيش تددق بشكل جدي حول الموضوع، لكانت وفّرت الحكومة على خزينتها الكثير. أما الباب الثاني، فهو فساد استشرى في المجتمع اللبناني، ويزيد على المواطن “الطين بلة”، وبدل من أن تخفف هذه المدارس عن الأهالي الأعباء، زادتهم، أموالاً وفساد.
