شخص مش تشخيص”: يحقّ للمثليّين الحصول على عناية صحية من دون تمييز”

بقلم: اليسا مدوّر |

“في المجتمعات الغربية، وجدوا أن الانجذاب إلى فرد من الجنس نفسه سببه غياب الأب، أو المعاناة من صدمة” – “ليس أنك ولدت هكذا، نحن نركز على شفاء الجراح” – “من يريد توقيف نمط الحياة هذا، عليه أن يلجأ الى الدين وعلم النفس” – “إنها حالة مرحلية ستنتهي قريبًا” – “يجب أن تضربوه ليتخلّص من مثليّته”.

هذه أقوال حقيقية – سوريالية قالها معالجون حقيقيون في القرن الحادي والعشرون عن المثليين، وعرضت في إحدى جلسات الأسبوع السنوي المخصص لصحة أفراد مجتمع الميم الذي تحييه الجمعية اللبنانية للصحة الجنسية (Lebmash)، والذي امتدّ من 17 الى 19 آذار 2018.
المقولات السابقة تنذر بالجهل الذي يحيط بمجتمع الميم، وتوضح شعار المبادرة المعتمد :”شخص مش تشخيص”، للتأكيد على أن المثلية الجنسية ليست اضطرابًا نفسيًا أو خللًا هورمونيًا أو جينيًا، بل هي سلوك بشري طبيعي وظاهرة إجتماعية.

ركّز المؤتمر على ضرورة العمل من أجل حماية أفراد مجتمع الميم من التّمييز الّذي يتعرضون له خلال الحصول على عناية صحية من قبل مختصين. وأوضح نقيب الأطباء البروفيسور ريمون الصايغ خلال جلسته أنه ” يجب أن يتوفر العلاج والعناية الطبية للجميع من دون أي تمييز”. بدورها أشارت نقيبة الممرضين الدكتورة نهاد يزبك ضومط  إلى الدور الأساسي للممرض في تأمين الدعم للمثليين من دافع الحب لا الواجب. وعلى الرغم من قلة الدراسات المتعلقة بالصحة الجنسية في لبنان، تسعى المنظمات المجتمعية المعنية بالصحة الجنسية (مارسا، موزاييك، AFE، حلم، SIDC، مشروع ألف، وسكون) إلى تعزيزالدراسات وأرشفة حالات التمييز والتعدي كوسيلة ضغط على الدولة. بالإضافة إلى التعاون مع الوزارات المختصة  لتنفيذ استراتيجيات برامج صحية تنشر الوعي وتؤمن الحقوق الجنسية والصحية لأفراد المجتمع وبخاصة أفراد الميم.
كما تقوم هذه الجمعيات بمبادرات عدة في الشارع حيث توزّع “واقي ذكري” ومنشورات توجيهية فيها نصائحإاجتماعية وقانونية، كطريقة التصرف في حال تم توقيف الأفراد على الحاجز بناءً على شكلهم في مناطق السّهر.

ولفت الرئيس السّابق للجمعية اللبنانية للصحة الجنسية الدكتور عمر فتال أن العمل لتحسين وضع مجتمع الميم على الصعيد القانوني لا يزال طويلًا. ويرى أنّه على الرغم من إجماع المختصين حول أنّ المادة 534 غير دقيقة وغير علمية، تظلّ المشكلة في البقاء عليها ناتجة عن سوء استعمال السلطة: فهناك من يستفيد من هذا القانون على حساب المثليين الّذين يتعرضون للابتزاز والضغط.

“أعلنت الجمعية الأمريكية للطب النفسي (عام 1973) ومنظمة الصحة العالمية (عام 1990)، والجمعية اللبنانية لعلم النفس والجمعية اللبنانية للطب النفسي (عام 2013) أن المثلية الجنسية ليست مرضًا”.

وتؤكّد الممرضة والأستاذة المساعدة في كلية التمريض والعلوم في جامعة بوسطن الدكتورة سهى بلوط أن “طلاب التمريض والطب وعلم النفس يتخرّجون من كلياتهم من دون أن يتدربوا على طريقة التعامل مع أفراد مجتمع الميم لمساعدتهم وتوفير العناية الصحيحة لهم. لذلك خُصص يوم الأحد لورش عمل تدريبية للطلاب تحيطهم بالمعلومات والنصائح  الّتي تفيدهم في عملهم لاحقًا، كما تغطي النقص في البرامج التعليمية”.
هنا شرح الدكتور حسن عبد الصمد أن الاكتئاب المؤدي إلى الانتحار أحيانًا والقلق وغيرها من المشاكل النفسية التي يتعرض لها أفراد الميم، تعود للتهميش والوصمة بدءًا من العائلة إلى المدرسة فالجامعة فمكان العمل. ووضّح دكتور صمد أن صحة أي فئة تتعرض للتمييز والمعاملة السيئة، ستتدهور حتمًا.
ونبّه الدكتور والمعالج النفسي ميشال نوفل من خطورة العلاجات الساعية إلى تغيير التوجه الجنسي (الضغط بالكلام، إرغام الأفراد على بعض التصرفات، العلاج الهورموني…) على الشخص نفسه وعلى المعالج، إذ قد تتسبب بتفاقم المشاكل النفسية عند الأول، وسحب إجازة ممارسة المهنة من الثاني.

وفي اليوم الأخير، تناولت طاولات النقاش وضع مرضى نقص المناعة البشرية  (HIV)في لبنان والتشريعات المتعلقة بالمرض من حيث السّرية والتمييز والحصول على الرعاية اللازمة. وتم الاتفاق على متابعة البحث لايجاد استراتيجيات ومشاريع تقدم إلى الوزارات المختصة.
هذا الأسبوع ترافق مع حملة إعلانية بعنوان :”عيون نور”*، تصوّر ضرورة تقبل المثلية  كأي خاصية بشرية طبيعية أخرى، كلون عيني نور مثلًا.

*لمشاهدة الفيديو الرجاء الضغط على الرابط التالي:  https://youtu.be/uqgf62cvchQ

الدكتور حسن عبد الصمد والممرضة والأستاذة سهى بلوط عن التعاطي بمهنية مع أفراد مجتمع الميم. (ماريو نخول)

الدكتور حسن عبد الصمد مع عدد من الأخصائيين في طاولة مستديرة عن خطة العمل لتحسين حقوق المثليين ومرضى السيدا . (ماريو نخول)

بيانكا سلوم، المديرة التنفيذية للجمعية الطبية اللبنانية للصحة  (ماريو نخول ) النفسية